مفارقة الادخار في نطاق الركود التضخمي: تركيا الى اين؟
DOI:
https://doi.org/10.31272/57yja171الملخص
عندما بدأت الازمة المالية في الولايات المتحدة الأمريكية وساد الركود الاقتصادي في العام 2008 كانت اولى اشارات مفارقة الادخارparadox of thriftقد تجسدت بارتفاع معدل الادخار للأسرة الأمريكية المتوسطة الدخل من2.9%إلى5%خلال فترة الركود الكبير التي أعقبت تلك الأزمة المالية في العام أعلاه. يومها خفض البنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة من4.25%الى نطاق تراوح بين0%و0.25%لتعزيز الإنفاق في الاقتصاد الأمريكي. تعد مفارقة الادخار واحدة من النظريات الاقتصاديّة الكنزية التي ترى أن الادخار الشخصي قد يكون ضارا بالنمو الاقتصادي الإجمالي. وتستند بهذا الشأن إلى التدفق الدائري للاقتصاد، حيث يدفع الإنفاق الحالي الإنفاق المستقبلي من خلال مضاعف الانفاق وتدعو إلى خفض أسعار الفائدة لتعزيز مستويات الإنفاق أثناء الركود الاقتصادي. وعلى الرغم من ذلك يرى منتقدوا النظرية أنها تتجاهل قانون ساي للاسواقSays Lawالذي يدعو إلى الاستثمار في السلع الرأسمالية قبل تحقيق أي مستوى من الإنفاق ولا تأخذ التضخم أو الانكماش في الأسعار في الاعتبار. اللافت في الاقتصاد التركي اليوم الذي يعيش ازمة ركود تضخمي حادة، ان السياسة النقدية للبنك المركزي التركي تعتمد منهجا(انكماشيا)يبحث بنفسه عما يمكن ان اطلق عليه اصطلاحا بالسياسة الاستباقية المخططة لمفارقة الادخار. في حين تجد نظرياً وعلى العكس من ذلك، ان الاستجابة المناسبة للركود الاقتصادي تتلخص في زيادة الإنفاق الكلي، وزيادة هوامش المخاطرة في الاقتصاد(وتقليص المدخرات)صوب الانفاق الاستثماري، ذلك على وفق نظرية الطلب الفعال الكينزية. اذ يعتقد الكينزيون أن الاقتصاد المتراجع لا ينتج بكامل طاقته لأن بعض عوامل الإنتاج مثل الأرض والعمل ورأس المال هي عاطلة أساسا عن العمل. في تشرين الاول2024أبقى البنك المركزي التركي سعر الفائدة عند50%للشهر السابع على التوالي. اذ جاء القرار في ظل استمرار التضخم المرتفع في البلاد في ظل تراجع معدلات التضخم السنوية بشكل طفيف لكنها ما زالت فوق المستويات المتوقعة. وفي ايلول2024، تباطأ معدل التضخم السنوي في تركيا إلى 49.4%، وهو أقل من النسبة المسجلة في آب وهي52%. وعلى الرغم من هذا التراجع، لا يزال التضخم مرتفعا بشكل ملحوظ مقارنة بالتوقعات الاقتصادية، التي توقعت انخفاضا يصل إلى حوالي48% ومع ذلك، لا تزال أسعار المواد الأساسية مثل الغذاء وكذلك السكن مرتفعة، حيث زادت أسعار الإسكان بنحو98%والتعليم بنسبة93.6%. يركز البنك المركزي التركي على معيارين رئيسيين قبل اتخاذ القرار بخفض الفائدة وهما: تباطؤ مستدام في التضخم الشهري وتحسن في استقرار التوقعات التضخمية من قبل الشركات والأسر. وبهذا تسعى تركيا للسيطرة على التضخم من خلال سياسات نقدية مشددة مشجعة للادخار عن طريق رفع اسعار الفائدة على نحو تجعل معدلات الفائدة الحقيقية موجبة باستمرار وتتفوق فيها الفائدة الاسمية على التوقعات التضخمية، وعلى وفق ما يسمى تأثير فشر.
التنزيلات
