استقلالية البنك المركزي العراقي والسياسة الاقتصادية
الملخص
قد تكون أكثر القضايا إثارة للجدل وتعدد الآراء ومن ثم التعارض في السياسات الاقتصادية في مختلف بلدان العالم ومنها العراق هي مسألة الاستقلالية التي تحضى بها السلطات النقدية ممثلة بالبنك المركزي عن الحكومة ، بمعنى إبعاد التأثيرات أو التدخلات الحكومية عن قرارات السياسة النقدية ، وعلى اعتبار أن مفهوم الاستقلالية (Independence) هو نقيض لمفهوم التبعية (Dependence) فقد تثار تساؤلات حول ، استقلالية البنوك المركزية عن مَن ؟ وقبلها تبعيتها إلى مَن ؟ وما هي درجة او مستوى تلك الاستقلالية أو التبعية ؟ وبالتأكيد ان الإجابة على مثل تلك الأسئلة تكمن في طبيعة النظم الاقتصادية السائدة والقواعد التشريعية القائمة التي تحدد العلاقة بين السياسة النقدية والحكومة ، وبالرغم من ( تطرف ) بعض المؤيدين لاستقلالية البنك المركزي الذين يؤكدون على انه المؤسسة النقدية الرئيسة في إي بلد، والذي تتضمن أعماله مراقبة المؤسسات الأخرى، وكذلك إيجاد التنسيق بينها فلابد أن يحظى البنك المركزي بالاستقلالية المطلقة ، وكذلك آراء المعارضين للاستقلالية الذين يؤكدون على انه بالنظر إلى أن الحكومة تمثل الشعب الذي اختارها، فأنها أحيانا تضع أهداف عامة ذات أولوية لسياستها الاقتصادية قد لا تتوافق مع سياسة البنك المركزي المتمثلة بتحقيق الاستقرار في الأسعار، ويدعم هذا الرأي ما حصل في ألمانيا خلال فترة توحيد الألمانيتين في بداية عقد التسعينات عندما نجح القرار السياسي للحكومة الداعي لتحقيق الوحدة النقدية الفورية بين شطري ألمانيا على الرغم من المعارضة الشديدة لرئيس البنك المركزي الألماني لذلك الأمر حيث كان قلقا من أن تؤدي هذه العملية إلى نتائج اقتصادية سلبية.
إلا أن أكثر الآراء الاقتصادية المعتدلة ترى أن على البنك المركزي أن يعمل كمؤسسة حكومية تمارس وظائفها ضمن الإطار العام للدولة ولكن لهذه المؤسسة خصوصيتها في اتخاذ القرارات المستقلة فيما يتعلق بالسياسة النقدية التي يجب أن تكون منسجمة مع السياسة الاقتصادية العامة للدولة.