مسار تنمية جانب العرض في الاقتصاد العراقي
Abstract
ينعم الاقتصاد العراقي بمعدل نمو سنوي مرتفع ويزخر بوفرة مالية ملاءمة ، لكن هذا الوضع لا يعني إن الاقتصاد ينمو يشكل صحي، فالصادرات النفطية تعد المحفز الرئيسي لهذا النمو الاقتصادي، وإن أداء القطاعات الإنتاجية الأخرى خاصة السلعية منها لا يزال ضعيفاً سواء من حيث مساهمتها في تكوين الناتج المحلي الإجمالي الجاري والثابت أو من حيث معدلات النمو السنوية. وهو ما يؤثر سلباً على التنمية المتوازنة لجانب العرض المحلي الكلي من السلع والخدمات.
إن فقدان الترابط بين قطاعات الاقتصاد المدعوم بمحدودية الانتفاع من الموارد المالية المتاحة لإغراض الاستثمار نتيجة ضعف معدل الاستثمار نسبة إلى معدل الإدخار ، وغلبة الاستهلاك الجاري وانخفاض القدرة الاستيعابية بسبب الإدارة غير الكفوءة وقلة المعرفة الفنية المحدودة ونقص العمل الخبرة والعمل الماهر، وانتهاج سياسات صرف تحد من القدرة التنافسية لصادرات السلع المحلية القابلة للمتاجرة دولياً، واستفحال الانحراق السلوكي في طريقة توظيف الموارد الإنتاجية النادرة، كلها تعد من العوامل المهمة في إخفاق جهود التنمية وزيادة معدل الفقر والتوزيع غير العادل للدخل وانخفاض معدل استخدام قوة العمل في الاقتصاد الوطني.
إن الاقتصاد العراقي يعيش منذ التغيير السياسي موجات متلاحقة من التناقضات في إدارة الاقتصاد الكلي جعلته يغوص في نظام اقتصادي مشوه المعالم ويعمل في إطار هيكل اقتصادي ضئيل الفعالية سيء التنظيم.
لقد أضحت هذه التناقضات تشكل تحديات يتطلب التصدي لها التفكير مليا بحتمية توافق سياسات الاقتصاد الكلي ( سياسات جانب الطلب وسياسات جانب العرض) لتحقيق الاستقرار النقدي، والإيمان بان عملية التحول الهيكلي من اقتصاد متخلف إلى اقتصاد نام لا تقوم إلا باتحاد ذراعي التنمية الاقتصادية وهما التخصيص والاستغلال الكفوءة للموارد الإنتاجية بما يكفل تعظيم الاستثمار مادياً( تكوين رأس المال الثابت) واجتماعياً ( تكوين رأس المال الاجتماعي).