اسـتقلالية البنوك المركزيـة مـع إشـارة خـاصـة للبنـك المـركـزي العراقـي

Authors

  • أ.د عبد المنعم  السيد علي

Abstract

يعزو العديد من الباحثين تحقق معدلات تضخم منخفضة على مدى فترات زمنية طويلة إلى وجود بنك مركزي فعال , وكان جزء كبير من الانخفاض العالمي في معدلات التضخم في أوائل ثمانينات القرن الماضي ناتج عن حركة عالمية باتجاه بنوك مركزية أكثر استقلالية . فقد حققت البلدان الصناعية انخفاضا ملحوظا في معدلات التضخم من 5.6% في المدة 1955 – 1988 إلى 2.7% في المدة 1988 – 2000 , وعزا الباحثون ذلك التحول إلى ما فعلته نيوزلندا عام 1989 عندما أصدرت قانون بنك نيوزلندا الاحتياطي الذي ادخل اصلاحين مهمين تمثلا أولا بإعطاء البنك استقلالية اكبر عن الحكومة المركزية ، وثانيا باستهداف معدل تضخم محدد . فبينما كان البنك المذكور يعتبر الأقل استقلالية كبنك مركزي أصبح يعتبر الآن من بين أكثرها استقلالية , وقد تبعته في ذلك بلدان أخرى كثيرة . وبذلك أصبح مؤشر الصيرفة المركزية يتمثل بمستويات التضخم المنخفضة على مدى فترات زمنية طويلة ، ويتحقق ذلك من خلال هيكل مؤسسي يعتبر فيه البنك المركزي أكثر استقلالية عندما يستطيع مقاومة الضغوط عليه لاتخاذ قرارات سياسية ذات طابع قصير الأمد تتقاطع مع أهداف بعيدة المدى . فالبنوك المركزية تحصل على استقلاليتها بصورة رئيسة من خلال إصلاحات مؤسسية مثل تعيينات طويلة الأمد لمحافظيها ، وتحديد أهداف تضخمية واضحة ومجموعة أخرى من الإصلاحات المؤسسية والأهداف المحددة . والعنصر المشترك بين استهداف التضخم واستقلالية البنك المركزي هو القيود على سلوك السلطة المالية التي قد تميل إلى السماح بالتضخم على المدى القصير لتحقيق سعر صرف أكثر ملائمة أو معدل إنتاج أعلى ، مما قد يتعارض مع هدف استقرار الأسعار على المدى الطويل . لذا قد يكون في مصلحة المجتمع منح سلطة وضع السياسة النقدية لبنك مركزي مستقل وبعيد النظر .

والسؤال الذي يحاول هذا البحث الإجابة عليه هو : ما هو مدى استقلالية البنك في رسم سياسته النقدية ، وهل للسلطة التنفيذية ممثلة بوزارة المالية دور في ذلك ؟ وما هو موقع البنك المركزي من السلطة التشريعية ؟

أن ما يصل إليه هذا البحث هو أن استقلالية البنك المركزي لا تعني استقلالية تامة عن الحكومة في كل شيء سواء من ناحية إدارة السياسة النقدية والائتمانية ، أو من جانب الهيكل التنظيمي ، فهي لا تعني الانفصال التام عن الحكومة ، ذلك أن البنك المر كزي ما هو إلا مؤسسة حكومية تعمل في الإطار المؤسسي للدولة ، ولكن قراراتها – خاصة ما يتعلق بالسياسة النقدية – مستقلة عن وزارة المالية ، ولكن يجب أن تكون متسقة مع السياسة الاقتصادية العامة للدولة ، وان لا تكون خاضعة للضغوط السياسية ، وان تركز على الأهداف بعيدة المدى مثل استقرار الأسعار بدلا من الأهداف القصيرة المدى مثل أسعار الفائدة المنخفضة التي يسعى إليها السياسيون .

ويحتوي البحث على أفكار أخرى عن الاستقلالية مثل : الاستقلالية القانونية  والاستقلالية الفعلية ، والاستقلالية كعامل خارجي أو كعامل داخلي ، ومدى تحقق الاستقلالية في النظم الشمولية وفي البلدان الديمقراطية ، ودور الأوضاع السياسية المحلية المسايرة للأهداف التضخمية أو المعادية لها في تحقيق الاستقلالية ، كما يناقش الحجج المضادة للاستقلالية . ثم يناقش البحث الوضع في العراق قبل وبعد الاحتلال الأمريكي عام 2003 حتى الوقت الحاضر ، ويختتم بقياس درجة استقلالية البنك المركزي العراقي بموجب قانونه الخاص رقم 56 لسنة 2004 ، وهل تصب في صالح الاقتصاد العراقي ؟ وهل تتسق مع السياسة المالية خاصة ، والاقتصادية بشكل عام ؟

Downloads

Download data is not yet available.

Downloads

Published

2018-03-20