نظام معدلات الصرف في العراق : أنموذج تشخيصي للواقع العراقي
Abstract
قبل سبع سنوات تماما, أقام البنك المركزي العراقي سوقا رسمية مركزية للصرف, تتولى بيع العملة الأجنبية وشراءها على وفق آلية السوق. وعدّت في الوقت نفسه المجال الحيوي والرئيس لتدخل السياسة النقدية في سوق الصرف وفرض الاستقرار فيها على نحو يساير الرغبة في النمو الاقتصادي للبلاد. فبعد مرور أكثر من عقدين من الزمن عاشتها البلاد في نظام للصرف المتعدد multiple regime, بلغت فيه معدلات الصرف ما يزيد على ثلاثة عشر معدلا اعتمدتها السياسة الاقتصادية إبان فترة الحكم السابق, تراوحت بين معدل رسمي لسعر صرف الدينار العراقي بلغ 3.2 دولار لكل دينار عراقي وبين معدل رسمي أخر زاد على 1450 دينار للدولار الواحد, مما يعكس ثمة طيف واسع بين هذين القطبين bipolar المتطرفين من معدلات الصرف الرسمية. مقابل ذلك كانت هنالك سوق موازية للصرف, هجينة التكوين وتتعامل بمعدلات صرف للدينار العراقي تختلف باختلاف فئة العملة العراقية وطريقة طبعها, إلا أن تلك السوق كانت سوق قائدة في تحديد معدلات الصرف على وفق النظام المعوم المطلق أو التام للصرف purely floating وعلى هذا الأساس تأسس نظام صرف مصاب بالكثير من التشوهات جراء التعددية الرسمية المختلفة إضافة إلى سوق الصرف والأسعار التي تحدد فيها. إذ كانت أنظمة الصرف الثابتة المتعددة تمثل دعما بأسعار صرف غير واقعية للسلع والخدمات الموردة والمقومة بالعملة الأجنبية, في حين كانت السوق السلعية تتأثر بموجات تضخمية مصدرها سوق الصرف الموازية المعومة القائدة للسعر. تخللتها سياسة نقدية فاقدة لأية قدرات للتدخل في تلك السوق وتهدئة الطلب فيها على العملة الأجنبية إزاء شحة شبه مطلقة لعرض العملة الأجنبية.